
اعتبرت القناة 12 العبرية أن السيطرة الأمريكية على قطاع غزة تتطلب نشر آلاف الجنود الأمريكيين في منطقة حساسة، معرضة لتهديدات من المقاومة الفلسطينية، وستؤدي إلى مقتل آلاف الجنود الأمريكيين، والعودة إلى عقود الحرب في الشرق الأوسط.
ووفقًا لمحللين، فإن السيطرة الأمريكية على قطاع غزة ستتطلب نشر قوة عسكرية كبيرة، مما سيعرّض الجنود الأمريكيين إلى هجمات مستمرة، وعمليات حرب عصابات، ومقاومة شعبية متصاعدة.
وأضافت القناة 12 العبرية أن خطة ترامب تثير معارضة واسعة النطاق في كلا الحزبين الأمريكيين، حيث يرى الديمقراطيون أنها انتهاك صارخ للقانون الدولي والتقاليد الأمريكية، فيما وصفها السيناتور كريس ميرفي بأنها "مزحة مريضة".
وحتى في داخل الحزب الجمهوري، ظهرت أصوات متحفظة بشأن الخطة، عندما قال السيناتور ليندسي غراهام، الحليف المقرب من ترامب، في تصريح نقلته وكالة أسوشيتد برس: " معظم سكان ولاية كارولينا الجنوبية ليسوا متحمسين لفكرة إرسال أمريكيين للسيطرة على غزة"، أما السيناتور كريس كونز، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، واصفًا الخطة بأنها "جنون مطلق".
صحيفة وول ستريت جورنال نقلت عن بعض الدبلوماسيين المخضرمين وصفهم لخطة ترامب بشأن قطاع غزة بأنها محيرة، حيث قال دان شابيرو، سفير الولايات المتحدة السابق في الكيان الصهيوني خلال إدارة باراك أوباما "إنه ليس اقتراحا جديا. إذا تم السعي إلى تحقيقه، فسيتطلب تكلفة ضخمة من المال والقوات الأميركية، دون دعم من الشركاء الرئيسيين في المنطقة".
وقالت وول ستريت أن اقتراح ترامب بشأن قطاع غزة يظهر أن ترامب يعتمد على تاريخه الطويل كرجل أعمال ومطور عقارات، يرى العالم كرقعة لتوسيع نفوذ أميركا وتثبيت إرثه.
آنا براسكي المراسلة السياسية لـصحيفة معاريف العبرية قالت : "قبل الخوض في التفاصيل وتحليل الفروق الدقيقة في تصريحات الرئيس ترامب الرنانة (السيطرة الأمريكية على غزة، وتهجير سكان القطاع، السلام مع السعودية دون ذكر الدولة الفلسطينية، إلخ) تجدر الإشارة إلى أن المسرحية برمتها هي تفعيل "أسلوب الصدمة" الشهير لترامب، نسف أجندة متداخلة وعالقة، وبناء أجندة جديدة ومثيرة للدهشة، طرح أفكار ضخمة، دون أن تكون لها علاقة مباشرة بالواقع وبالتالي البدء فعلياً بالمفاوضات من أقصى نقطة انطلاق.
بدوره قال المحلل الصهيوني أمير أورن في هآرتس: "ركض ترامب المتهور لتغيير النظام العالمي والمنطقة ليس سخيفًا، إنه خطير، الفلسطينيون على عكس المصريين والأردنيين لديهم فقط فلسطين أي صراع مع "إسرائيل". في غياب التسوية، إذا كانت مواقف الطرفين غير قابلة للتوفيق، ستستمر الحرب الأبدية".
وأضاف أرون: "ماذا ربحت "إسرائيل" من هجرة عرب يافا إلى غزة ولاجئي الأردن إلى لبنان؟ المشكلة لا تختفي في الأماكن الجديدة، بل تحفزها وتنتج جولات عنف جديدة، هل سيهبط المارينز في غزة ويموتون برصاصات وقنابل مزروعة من حــماس والجهــاد الإسلامي الفلسطيني؟، قوات من نفس الجيش الذي كان يعاني من إقامة رصيف ويخشى وضع الجنود على الشاطئ؟، هذا هو ما دفع بالأسطول السادس بعيدًا عن شواطئ لبنان، بعد أن أودت الهجمات التفجيرية لحزب الله بحياة مئات الأمريكيين والفرنسيين.
الصحفي الصهيوني رافيف دروكر قال: " إن احتمالية تحقق خطة تهجير الفلسطينيين تشبه كل الوعود الفارغة التي يطلقها هذا الرئيس الغريب الأطوار، من تخفيض الأسعار الدراماتيكي الذي وعد به بنسبة 50٪، إلى وقف جميع الحروب، ونزع السلاح النووي من كوريا الشمالية، وخطة القرن لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وغيرها من الوعود التي لم تتحقق، مصر والأردن لا تستطيعان ولا ترغبان في استقبال أعداد كبيرة من الفلسطينيين، من المتوقع أن يؤدي المخطط إلى زعزعة العلاقات الأمريكية مع الدول العربية، وخاصة الأردن ومصر.
وأضاف دروكر: " نتيجة محتملة واحدة مدهشة على المدى القصير: هذا يسمح لليمين الإسرائيلي ونتنياهو بقبول سيناريو يشمل إطلاق سراح الأسرى، الانسحاب، و"نهاية الحرب" كجزء من اتفاق تطبيع مع السعودية".
وعلى الصعيد الدولي أعرب مختلف دول العالم عن استهجانها لتصريحات ترامب معتبرين أن مثل هذه التصريحات تعتبر جريمة حرب ضد الإنسانية مؤكدين رفضهم بشدة أي محاولة لتهجير الفلسطينيين بالقوة أو تغيير التركيبة السكانية للأراضي الفلسطينية المحتلة.
من جانبه وجه الأمير السعودي تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق رسالة إلى ترامب بعد دعوته لتهجير الفلسطينين من قطاع غزة قال فيها: "عزيزي الرئيس ترامب.. الشعب الفلسطيني ليس مهاجرًا غير شرعي ليتم ترحيله إلي أراضي أخرى.. الأراضي هي أراضيهم والمنازل التي إسرائيل دمرت منازلهم.. وسوف يعيدون بناءها كما فعلوا ذلك بعد الهجمات الإسرائيلية السابقة عليهم، معظم سكان غزة لاجئون، طردوا من ديارهم في "إسرائيل والضفة الغربية الآن" من قبل الإبادة الجماعية الإسرائيلية السابقة الهجوم عليهم في حربي 1948 و1967".
وأضاف الفيصل: "إذا كانوا سينتقلوا من غزة، يجب السماح لهم بالعودة إلى ديارهم وإلى بساتين البرتقال والزيتون في حيفا ويافا ومدن أخرى والقرى التي هربوا منها أو طردوا قسرا منها من قبل الإسرائيليين".