هاجم رئيس حزب "المعسكر الوطني" ورئيس المعارضة الصهيونية بيني غانتس خطة "الإصلاح القضائي" كما تسميها الحكومة الصهيونية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو أو خطة "إضعاف القضاء" كما تُسميها أحزاب المعارضة والتي قد تتحول لقانون يُحدد عمل المحكمة العليا الصهيونية، محذرًا من أن هذه الخطة التي تهدف لتحديد صلاحيات المحكمة العليا وتُعطي الأغلبية في الكنيست المجال لإبطال قراراتها قد تؤدي إلى حدوث حرب أهلية.
ويسعى بنيامين نتنياهو من خلال وزير القضاء الصهيوني ياريف ليفين إلى تحديد صلاحيات المحكمة العليا لإبطال قرارها الذي سيصدر بشأن الوزير الصهيوني آرييه درعي -في حال أقرّت بعدم شرعية تعيينه وزيرًا-، حيث تنظر المحكمة حاليًا في التماسات مقدمة ضد تعيين الوزير آرييه درعي وزيرًا في الحكومة الصهيونية وهو المتهم بقضايا جنائية وصدر بحقه حكم بالسجن مع وقف التنفيذ وغرامة مالية.
وقال غانتس موجهًا كلامه إلى نتنياهو الذي يسعى لـ تحديد صلاحيات المحكمة إنه "إذا استمريت في الطريق التي تسير فيها، فإن المسؤولية عن الحرب الأهلية التي تهدد المجتمع الصهيوني ستُلقى عليك".
هل تندلع حرب أهلية؟
ويقول المحلل السياسي سليمان أبو أرشيد في حديث للجرمق إن الحديث عن حرب أهلية من قبل بيني غانتس هو تضخيم غير مبرر للصراع والخلاف الدائر داخل الساحة السياسية الصهيونية ، مضيفًا، "غانتس تحدث عن الحرب الأهلية العام الماضي، وتقريبًا بتصريح مشابه والآن لا يوجد شيء جديد".
ويتابع أبو أرشيد للجرمق أنه، "بخلاف يائير لابيد يحاول بيني غانتس أن يُبعد نفسه عن لابيد، ويحاول إيجاد أرضية مشتركة بينه وبين الليكود ونتنياهو، لأنه يعلم بأن نتنياهو عندما سينتهي من ملفاته، سيذهب باتجاه إقامة حكومة وحدة وطنية معه -غانتس- وأيزنكوت وجنرالات حزبهما".
ويضيف أبو أرشيد للجرمق، "الحديث عن حرب أهلية تضخيم، السياسيون الصهاينة يعلمون أن كل ما يسعى له نتنياهو من خلال ما يسميه ’الإصلاح القضائي’ هو للإفلات من الملفات الجنائية المدان بها، ويحاول التخلص منها بأي شكل من الأشكال، وفي رأيي فإن أي تحالف وخضوع من نتنياهو لبن غفير وسموتريتش والتيار اليميني المتطرف هو للخلاص من هذه الملفات، حيث سيذهب بعد الانتهاء من ملفاته باتجاه اعتدال يميني وسيقيم حكومة مع غانتس".
ومن جانبه، يقول المحامي والمحلل السياسي خالد زبارقة، "واضح أن هناك فروقات كبيرة جدًا وتباينات وشروخ كبيرة داخل المجتمع الصهيوني، ولكن هذه الفروقات بدأت تتعمق وتظهر وتطفو على السطح بعد الانتخابات الصهيونية الأخيرة وتمّكن نتنياهو من تشكيل الحكومة الصهيونية التي اعتمدت بالأساس على أصوات المتطرفين داخل المجتمع الصهيوني".
ويتابع زبارقة للجرمق، "الخلاف داخل المجتمع الصهيوني هو بين التيار العلماني الليبرالي وبين التيار اليميني الذي يحاول تطبيق مفاهيم الشريعة اليهودية على مناحي الحياة داخل الكيان ومن بينها المناحي القانونية والسياسية".
تبعات تحديد صلاحيات المحكمة العليا
ويقول المحلل السياسي والكاتب سليمان أبو أرشيد، "من يتتبع لقرارات المحكمة العليا خاصة بما يتعلق بالعرب في الداخل أو بالفلسطينيين في الضفة الغربية وبسياسات الاستيطان وشرعنته ومصادرة الأراضي أو التمييز العنصري، فهو يعلم بأن قرارات المحكمة العليا ليست لصالحنا بتاتًا".
ويتابع أبو أرشيد للجرمق، "المحكمة العليا الصهيونية وقراراتها تخدم الكيان أكثر مما تخدم الفلسطينيين، وبتعبيرات غانتس فالمحكمة العليا تشكل القبة الحديدية القضائية في الكيان بمعنى أنها تُظهر الكيان دولة المؤسسات أمام العالم وأنها دولة حقوق الإنسان، وبالتالي تُبعد محكمة العدل الدولية عن التدخل بالشأن الصهيوني".
ومن جهته، يقول المحامي خالد زبارقة للجرمق، "في السابق لم يكن الوضع بين العرب والفلسطينيين أفضل، ولكن اليوم الحكومة الصهيونية تطالب بأن تكون غير مقيدة في ممارساتها ضد الفلسطينيين".
ويتابع ، "المحكمة الصهيونية العليا حاولت مرارًا أن تضع القضايا العربية على مذبح إرضاء اليمين الصهيوني، ولكن حتى دورها الظالم الذي كان يعطي شرعية لممارسات الحكومة ضد الفلسطينيين والعرب لم يُرضِ اليمين الصهيوني الذي يريد استباحة حقوق الفلسطينيين بكل أبعادها".
تحديد صلاحيات المحكمة العليا والنظرة الدولية
يقول المحلل والكاتب سليمان أبو أرشيد للجرمق، "معروف تاريخيًا أنه عندما يتسلم اليمين واليمين الديني الحكم في الكيان، فإن المعارضة الدولية والداخلية والمحلية تكون أكبر، فاليسار مقبول أكثر بالنسبة لأمريكيا ولدول العالم أكثر من اليمين، وبالتالي يستطيع اتخاذ خطوات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية تحديدًا بشكل أكبر بكثير من اليمين ولا يجد معارضة دولية".
ويختم، "بالمحصلة نحن نعلق بين يسار ويمين، في الوقت الذي اليسار لا يعمل لصالحنا بل ضدنا، فالحكومة الصهيونيةالسابقة كانت حكومة يمين مركز وعملت بكافة المستويات ضد الفلسطينيين من قتل واقتحامات وتمييز عنصري".