منذ عام 2004 تستضيف العاصمة البحرينية "حوار المنامة"، لكن في عام 2020 بدأ المؤتمر يأخذ منحى آخر بالترويج للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني، وبات تركيز الحوار ينصب في إيجاد موطن للاحتلال الصهيوني في المنطقة العربية.
في النسخة الـ17 من الحوار الذي عقد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، ونظمه المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في الشرق الأوسط، برز ظهور الاحتلال الصهيوني غير المسبوق، سواء على صعيد المشاركة، أو بطبيعة القضايا التي يطرحها الاحتلال، بالحديث عن "الخطر الإيراني" المزعوم في المنطقة.
في النسخة الـ"18" لحوار "المنامة" الذي عقد على مدار ثلاثة أيام من 18- 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، واستمر على مدار ست جلسات، شهد مشاركة واسعة تجاوزت 400 مشارك من دول مختلفة من وزراء ومسؤولين أمنيين، وقادة عسكريين، منهم عدد كبير من المسؤولين الصهاينة، ليكون بذلك ربما، جزءًا ممن يرسمون المشهد في المنطقة.
اتفاق تحالف
وقال النائب السابق بمجلس النواب البحريني ناصر الفضالة: إن البحرين ودول الخليج وقعت اتفاق التطبيع وما سميت "اتفاقات أبراهام"، التي يعدونها اتفاق (سلام) وهو في الحقيقة اتفاق تحالف، ترفضه الشعوب العربية لأنه يمثل تخليًا عن الثوابت الفلسطينية والدول العربية، ويلاحق المقاومة.
وأوضح الفضالة، أن الدول العربية المطبعة تخضع للضغوط الأمريكية، التي تمثل المشاريع الصهيونية بالمؤتمر، وتسعى لتنفيذ تلك المشاريع بتلك الطرق والوسائل.
وأشار إلى أن الدول العربية والخليجية المطبعة دول مكرهة بين "العصا والجزرة" ويصل الأمر في بعض الأحيان لتهديد العروش العربية، إذا لم تستجب للمشاريع المطروحة، فمثلًا مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي روجت له وزيرة خارجية أمريكا السابقة كونداليزا رايس، أصبح "دينًا جديدًا" يروج له لإحداث اندماج غريب للاحتلال بالمنطقة.
وحذر الفضالة من خطورة التعامل مع الاحتلال وفتح الفرصة أمامه لأن يتدخل بالأمور الأمنية والإستراتيجية والاقتصادية والعسكرية، الأمر الذي يهدد بإحداث خطر كياني وتغيير عقلية الأجيال، مشيرًا إلى أن تجارب الدول التي وقعت اتفاقيات تسوية مع الاحتلال أدت إلى نتائج كارثية.
ووقع الاحتلال في 15 سبتمبر/ أيلول 2020، في واشنطن، اتفاق التطبيع مع دولتي الإمارات والبحرين برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وحضوره.
تغلغل صهيوني
ومنذ توقيع اتفاق التطبيع، بدأ الاحتلال يعمل عبر وسطاء على شراء بيوت من مواطنين بحرينيين، وهو ما يعيد الأذهان -وفق الفضالة- إلى طريقة احتلال فلسطين، وتسريب العقارات في فلسطين، لافتًا إلى أن الشعب البحريني انتبه لهذا الخطر وقامت الصحف ووسائل الإعلام والجهات الرافضة للتطبيع بالبحرين بفضحه.
في حين يلفت منسق الملف الفلسطيني في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في البحرين إبراهيم المدهون، إلى أن مؤتمر "حوار المنامة" الأمني، واحد من سلسلة مؤتمرات مرحلية بحيث ينتقل المؤتمر من مرحلة إلى أخرى، بمعنى أن المرحلة السابقة كانت "العلاقة المخفية" بين الأنظمة التي صاغها الاستعمار البريطاني وتعاهدت عليها الإمبريالية الأمريكية، وعليه بقيت تلك الأنظمة تعمل لمصلحة من وظفها بهدف تغلغل الاحتلال بالمنطقة.
وأوضح المدهون أن المرحلة الأولى انتهت، خصوصًا مع إعلان أمريكا مشاريعها بالمنطقة منها مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي أسقطه "محور المقاومة"، ورفض الشعوب للتطبيع منذ توقيع اتفاقيات بين الاحتلال ومصر والأردن، وبقي على المستوى الرسمي ولم يخترق الشعوب.
بعد سقوط مشروع "الشرق الأوسط الجديد" وتدمير سوريا وليبيا وغيرها من الدول العربية، جاء الدور لتصفية القضية الفلسطينية بإعلان التطبيع المباشر بين الاحتلال والعديد من الدول العربية كالإمارات والبحرين، وفق المدهون.
وبحسب المدهون، فإن الأجندة التي يبحثها المؤتمر، هي القضاء على أي نظام مقاوم، ومحاربة الدول التي تسعى لإيجاد أنظمة تخدم قضايا الأمة كالقضية الفلسطينية، ولكن بالرغم من ذلك، فإن المستقبل هو للقضية وللشعوب التي تناضل لإيجاد أنظمة قادرة على تحقيق رؤيتها وأهدافها.
وحذر المدهون من أن خطورة المؤتمر تكمن بأنه يسمح بالتعامل المباشر مع الاحتلال، وهو ما يحاول الاحتلال استغلاله في شراء الأراضي، الذي انتبه إليها الشعب البحريني، وكذلك يحاول في الإمارات شراء أراضٍ، إضافة للعمل ليل نهار للقضاء على القضية الفلسطينية.